ترجمات

في داخل عقلية بنيامين نتنياهو

ملخص لترجمة مقال عامي درور في مجلة (THE NEW STATESMAN) والذي يفتتح مقالته بقوله: “وباعتباري الحارس الشخصي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، رأيته يتحول إلى رجل العصابات الذي هو عليه اليوم”

كنت حارسًا شخصيًا لرئيس الوزراء الذي حميته، الرجل الذي رافقته في شوارع تل أبيب والقدس، ودخلت معه مراكز القوة العالمية لمقابلة الباباوات ورؤساء الوزراء والرؤساء؛ الرجل الذي أكثر من أي إسرائيلي آخر حدد مسار بلادي في هذا القرن: بنيامين نتنياهو.

في عام 1996، كنت أجلس في المقعد الخلفي لكاديلاك فضية تستخدمها الشاباك لنقل رؤساء الوزراء. رابين رحل. وها هو نتنياهو بجانبي، يحدّق إلى الأمام.

يجب أن تتذكر أن السياسيين الذين تراهم على التلفاز ليسوا كما في الواقع. الشاشة مجرد عرض ترفيهي.

عندما تتعلق حياتهم بقراراتك، تبدأ بفهمهم بشكل مختلف. رأيت بيل كلينتون، أقوى رجل في العالم آنذاك، يطلب مني إذنًا لاستخدام الحمام. وسمحت له.

كنا نظن أننا نعرف “بيبي”. كان بارعًا في التسويق، يريد أن يبدو مثل كلينتون وتوني بلير. كان يتقن لغة العالم الجديد بعد الحرب الباردة. في تلك الفترة، كان نتنياهو ليبراليًا إلى حد ما، ودودًا مع القضاء والإعلام.

كنت أحمل كتابًا صغيرًا من الشاباك فيه صور محتملة لمغتالين. كان من بينهم إيتمار بن غفير، الذي أصبح اليوم وزير الأمن القومي في حكومة نتنياهو. في عام 1998، اعتقدنا أنه قد يغتال رئيس وزراء، لا أن يعمل معه.

كان نتنياهو أصغر رئيس وزراء في تاريخنا، والأول المولود في إسرائيل المستقلة. كان واثقًا جدًا. بعد لقاء مع كلينتون، الذي أنهكه تفاوض نتنياهو، قال: “من يظن نفسه؟ من هو القوة العظمى هنا؟”

وظيفتي كانت التخطيط، الطرق، اللوجستيات. لا راحة أبدًا. السياسيون الإسرائيليون هم الأكثر تعرضًا للتهديدات في العالم. لا تحمي شخصًا، بل تحمي رمزية إسرائيل كلها.

بدأت ألاحظ أن نتنياهو غير مستعد. المشاكل العائلية لا تنتهي. زوجته سارة طموحة ولكن هشة. ومع مرور الوقت، أصبحت أكثر تأثيرًا، بينما أحد أبنائهما، يائير، يرى نفسه وريثًا سياسيًا.

لكن الضغط الأكبر جاء من والده، بنزيون. كان مؤرخًا فشل في السياسة والأكاديميا. كتب عن محاكم التفتيش في إسبانيا، وقال إن كراهية اليهود في إسبانيا كانت عنصرية، متصلة بجذور الهولوكوست. واعتبر أن معاداة السامية أبدية، وأن على كل زعيم إسرائيلي أن يبقى يقظًا تجاهها.

حتى بعد أن أصبح نتنياهو رئيسًا للوزراء، كان والده يحتقره. وكان نتنياهو يرى أن إسرائيل قد خذلت والده. أدركت لاحقًا أن هذا الشعور هو جوهر شخصية نتنياهو، السبب الذي جعله يهاجم الإعلام والنخب.

كنت أرافق نتنياهو وزوجته إلى مطاعم فاخرة. في أول مرة، لم يدفعوا الحساب، فلم يمانع المالكون. في المرات التالية، أصبحوا غاضبين، وبعضهم طاردهم خارج المطعم. كنت شابًا وشاهدت ذلك، وعرفت حينها أنني أرى “لصًا صغيرًا” في طريقه ليصبح “زعيم عصابة”.

قد تظن أنك تكره نتنياهو. صدقني، لو جلست معه خمس دقائق، ستخرج منه مفتونًا. يكذب بوجهك مرارًا ولن تدرك ذلك. إنه أشبه بقائد طائفة. أتباعه يعرفون أنهم مخدوعون، لكنهم لا يبالون، لأن الوهم جميل.

يرى نتنياهو أن قدره هو حماية إسرائيل من هذا الكره الأبدي الذي وصفه والده. يرى نفسه المختار لإنقاذ إسرائيل.

لكن هذه القناعة هي بذرة القادة الكارثيين. لقد قوض استقلال المحكمة العليا، وأحاط نفسه بجهلة ومهرجين مثل بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية. لم يأخذ تهديد حماس بجدية، وسهّل وصول ملايين الدولارات لها قبل 7 أكتوبر. ولم يتحرك لإيقاف إيران إلا في اللحظة الأخيرة.

نتنياهو يفكر بالتاريخ. يعرف كيف يُكتب. يعلم أنه إذا غادر الآن، فسيسجل كأسوأ زعيم في تاريخ إسرائيل. وهو لا يشبه تشرشل ولا بسمارك. القادة العظام يمنعون الكوارث، لا يصنعونها.

أنا أعرف بنيامين نتنياهو. أصبح وحيدًا جدًا. لا يثق بأحد سوى سارة، التي ازدادت اضطرابًا، ويائير، ابنه الطامح بالسلطة. المحزن أنه كان يمكنه التنحي منذ زمن، دون أن يدمر إسرائيل.

واليوم، ونحن نراقب السماء بقلق، نتساءل: هل النهاية ستكون لإرث نتنياهو السياسي، أم لنهاية إسرائيل الديمقراطية؟

كاتب المقال عامي درور: رجل أعمال وأحد قادة الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي التي بدأت في إسرائيل عام 2022. خدم في وحدة الأمن الشخصي التابعة لجهاز الأمن العام (الشاباك) بين عامي 1996 و2000، وكان ضمن فريق حماية ثلاثة من رؤساء اسرائيل.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى