دراسات معاصرة

لماذا لا توقف المقاومة الحرب؟

حينما يتسائل الناس لماذا لا تُنهي المقاومة الحرب وقد كثر القتل والدمار وقد اشتد على الناس الكرب، فلا بد أن يكون السؤال أولاً هل تملك المقاومة قرار إنهاء الحرب وهل تستطيع ذلك فعلاً ؟

فإن كان المراد إنهاء الحرب كلياً بمجرد اتخاذ قرار بذلك وعودة الحال إلى ما كانت عليه فبالطبع هذا قرار لا تملكه المقاومة مطلقاً .
وإن كان المراد تقديم تنازلات كي تسير عجلة المفاوضات وتنتهي الحرب فهذا شيء مقدور عليه وقد قامت به المقاومة بالفعل فقدمت تنازلات كثيرة لتنهي الحرب، ولكن ما يريده العدو هو شيء أكبر بكثير من مجرد تنازلات فهو يريد منهم التسيلم والاستسلام، وكثير ممن يطالب المقاومة بإنهاء الحرب يقصد ذلك، ظناً منهم أن الاستسلام هو أن تسلم حماس ما لديها من أسرى وأن تتخلى عن الحكم، كلا ليس هذا الاستسلام الذي يعنيه العدو، فأي استسلام إذاً الذي يريدونه :

١.أن تسلم المقاومة سلاحها وما لديها من أسرى وهذا يعني إنهاء كل أشكال المقاومة داخل أرض فلسطين وتصفية آخر مشاريعها.
٢.تسليم ما يقرب من مائة ألف رجل من المجاهدين من أبناء وقادة حركات المقاومة والعاملين للإسلام؛ للقتل، أو السجن مدى الحياة، أو النفي إلى خارج البلاد .
٣.التواجد العسكري الدائم في قطاع غزة بما يمكنهم من السيطرة والتحكم في كل شؤون الحياة.
٤.اقتطاع منطقة شمال غزة كلياً وبناء مستوطنات على أرضها وهذا يحدث الآن بالفعل .
٥.عدم السماح ببناء المساجد من جديد إلا في نطاق ضيق جداً وتغيير مناهج التعليم بما يخرّج جيلاً ممسوخاً لا يعرف دينه ولا هويته .
٦.حكم غزة من خلال حكومة تتبع لهم واضطهاد كل من يرفض الإنصياع لهم والرضى بالواقع الجديد، وبالتالي هجرة آلاف الشباب والعائلات إلى الخارج، وبما أنهم لا مكان لهم في بلاد المسلمين فسيهاجرون إلى بلاد الكفر التي تعيش حالة لم تعرفها البشرية من قبل من الإلحاد والانحلال الأخلاقي .

هذه هي النتيجة التي يريد أن يصل إليها العدو في نهاية المطاف ولا يرضى بغيرها وذلك من خلال الحرب أو ما يسميه بالضغط العسكري، وبما يستطيع تحصيله بالمفاوضات، وعليه أصبح الحفاظ على أرواح الناس يعني ضياع دينهم وهويتهم وأرضهم، نعم الحرب مرعبة ونارها ملتهبة تحرق الأخضر واليابس وقد اشتد الكرب وبلغت القلوب الحناجر ولكن الخيار المقابل أشد صعوبة وخطورة .
وقد عُرضت هذه الأشياء قبل سنوات على المقاومة على أن تتم بشكل سلمي وآمن فلما رفضت المقاومة ذلك قرروا فرضها بالقوة، إذاً هو مخطط قديم أعدّ بإحكام وبمشاركة أقطاب متعددة وليس كما يبدو ردة فعل على هجوم أو اعتداء .

فالحل إذاً هو الاعتصام بالله و التضرع إليه، والثبات على الأمر حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين وكما أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها شرعاً، فإنه كذلك لا يكلف نفساً إلا وسعها قدراً، ومهما كانت التضحيات كبيرة فإن النتائج ستكون عظيمة ومرضية بإذن الله، وسيكون لها آثار ليس على مستوى فلسطين فحسب بل ستتعدى آثارها الى الأمة الإسلامية بإعادة الثقة إلى أبنائها، وبث روح الجهاد في نفوس شبابها، وتكثير سواد المسلمين بدخول أفواج من الناس في دين الله وتكون بداية لعودة سلطانهم في الأرض من جديد .

وشرفٌ لأهل غزة أن يكونوا الشعلة التي تحترق لتضيء للأمة طريق العزة والكرامة الذي أضلته منذ سنين، كما كان السابقون الأولون من أهل مكة هم الوقود الذي أوقد شعلة الإسلام في أول الأمر فأضاء مشارق الأرض ومغاربها، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى